الأربعاء، 23 أبريل 2014

ملامح سودانية ،، سيرة الوجع !



قبل أن أبدأ بكتابة انطباعي أود أن أعترف بأنه يحز في نفسي كثيراً أنني لا أعرف السودان كما ينبغي لي ، ولكني في أحايين كثيرة أحاول الالتقاط من هنا وهناك وقد وجدت في كتاب د.أمير هذا متعة الالتقاط.. ولم أشعر حين قراءته بالملل بل وصرت أفكر هل ما يكتبه هو حقاً واقع أم خيال أم بين هذا وذاك ..

في سيرة الوجع : يحكي د.أمير تأج السر الطبيب والروائي السوداني عن فترة اشتغاله - فترة الثمانينات - في المستشفى الساحلي في " بورتسودان "  ومن ثم تدحرجه على البلدة البعيدة - الواقعة على الحدود الأرتيرية السودانية - على حد وصفه " الذين شيدو البلدة البعيدة شيدوها بمزاج عشائري متعكر "  ليقضي هناك ما يقارب العام والنص فجاء الكتاب مليئاً بالكثير من القصص والذكريات ...

كنت أُسأل " إلى أي القبائل تنتمين " وكانت إجابتي كلمة واحدة باسم القبيلة دونما أي خلفية مناسبة وإضافة على ذلك فقد كنت أشعر بأن هذه الأسألة تعزز من العنصرية بين القبائل ،، في " سيرة الوجع " اختلف الأمر بتاتاً فقد كان يغني كل قبيلة يتطرق إليها بالمزايا والعيوب ولكن بفخر يدل على تنوع ثقافتنا وتقاليدنا السودانية( الشوايقة - الجعليين - الدنقلاويين - بني عامر - الهدندوة - التكارنة - النوبة ،، الخ ) وهذه بعض الأمثلة المقتبسة من كتابه عن بعض القبائل  :
في وصفه للشوايقية " لم أستطع أن أفهم أبداً سر ذلك العشق اللاهث الذي يكنه أبناء قبيلة ( الشايقية ) التي تنتشر على ضفاف النيل في الشمال لـ العسكرة والسلاح ، فهم لم يصنفو ارهابيين أو قطاعاً للطرق ..ولا خلا تراثهم أبداً من أغنياة الوجد وموسيقى القلوب ... ص33

وكيف وصف تعصب الدناقلة " التي كانت في ذلك الوقت والى وقت قريب بريئة من مصاهرة الغرباء الى درجة التشنج حتى نحن أبناء عمومتهم " الشايقية الذين شاركناهم عذوبة النيل ونخيله وعرضة الطمبور... "ص63


في وصفه للهدندوة قال بأنهم " كانو عشاقاً للقهوة والرحيل والتسكع في أكثر الأسطر عنفاً في التاريخ الوطني للقبائل " حيث أوضح كذلك أن منهم عثمان دقنة والذي كان " طابخاً لواحدة من  أشرس حروب العصابات ضد المستعمر الإنجليزي "  



أحببت كثيراً التقاطه لأولئك البسيطين الذين قدمو علمهم وعمرهم للسودان دون مقابل يذكر ،، وربما قوبلو بـ عدد لا بأس به من الطعنات ولقوا حتفهم في سبيل تغيير السودان مثل مدير المستشفى الساحلي " العم تاج " كما ذكر في سيرته أو قوبل بالدهشة لتركه حياة المدن المرفهة وانتقل إلى قرى بعيدة أمثال " سيد أحمد " و " أسامة العاصمي " وحين سُئل أسامة " كيف اهتديت إلى هذه المنطقة " أجاب " أليست جزءاً من الوطن ؟!! "  ...

مدهش هو د.أمير في توظيفه الأسماء والأمكنة وخلقه للحدث بصورة لطيفة ومقربة للقلب

" كسلا التي أشرقت بها شمس الوجد وأصبحت جنة الإشراق " كما شدا الشاعر القديم توفيق صالح جبريل " 

" صب دمعي ..وانا قلبي ساكن ،،حار فراقك ..نار سواكن" 

مدهش هو د.أمير في استحضاره للتاريخ ،، الأغاني ،، التراث ،، الشعراء ،، الممثلين ،، والذكريات ...
"  تذكرت أناساً عرفتهم ، وأناساً عالجتهم ، وأناساً تغديت في موائدهم ، وأناساً وعدتهم بأن أكتبهم... "

هذيان أخير :
 " لقد عاتبني الكثيرون على إيغالي الشديد في المحلية ، وكتابة لوحات شديدة الخصوصية والتعقيد " .. ص75

 تلعثمت أفكاري حين كتابة هذه المراجعة ،، ولكن مشاعر الإمتنان - وليس العتاب - هي ما شعرت به فشكراً لهذه المحلية ...






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق