الأربعاء، 27 فبراير 2013

وطني السودان ..

لست أدري من أين أبدأ ،، أمن حديثي عن الكتاب " وطني السودان " ، عن الأديب " الطيب صالح " رحمه الله ، عن "من تغنى للوطن " أم عن " السودان نفسه " ...


* هذه المقطوعة بعنوان الأيام الخالدة للموسيقار السوداني حافظ إبراهيم ..

عشانك بقاتل الريح ،، عشانك فؤادي جريح ،، عشانك أنا مقتول ،، وبموت مقتول 
عشانك أنا يا بلد ،، يا نيل ،، يا ليل ،، يا سمح ،، يا زين 
بلدي يا حبوب يا أبو جلابية وتوب ،، وسروال ومركوب ،، وجبة وسديري ،، وسيف وسكين .. 
يا سمح ،، يا زين ... 

لم أجد أجمل من هذه الكلمات لأبدأ بها هذه التدوينة وهي لمن يجهلها من السودانيين وغيرهم فمن كلمات الشاعر السوداني : سيد أحمد الحردلو ،، وغناء الرائع : محمد وردي  رحمهما الله .. فلا أجمل من هكذا تغني ببلاد ممتدة تتعدد فيها الأجناس والقبائل ..

وقع اختياري الأسبوع الماضي على أحد كتب الطيب صالح رحمه الله وقد صادف ذلك ذكرى وفاته الرابعة في الثامن عشر من فبراير
وهو كتاب " وطني السودان " وهو الكتاب رقم 7 في سلسلة مختارات والتي تحتوي على 10 كتب تم نشرها في عامي 2004 و 2005 . وهو كتابي الأول الذي أقرؤهـ للطيب صالح ولا أدري ما الذي أخرني عن القراءة له .
الطيب صالح رحمه الله ذلك الأديب الذائع الصيت والمعروف بـ " عبقري الرواية العربية " لهو فخر لنا نحن السودانيين خاصةً وللعرب عامةً وقد نشرت أولى روايته الشهيرة " موسم الهجرة إلى الشمال " في عام 1966 م في البدء في مجلة ثم في كتاب مستقل وسرعان ما اشتهرت واختيرت لاحقا كواحدة من أفضل روايات القرن العشرين وترجمت إلى العديد من اللغات كما حولت إلى فلم سينمائي . ثم تبعها بعدة سنوات بعض الأعمال الروائية والمجموعات القصصية : كدومة ود حامد ، عرس الزين ، مريود وغيرها ..


يبدأ الطيب صالح رحلته في هذا الكتاب حيث صالة المغادرة " مطار الخرطوم "
قائلا : " إنني لا أدري لماذا أنا حزين في هذا المكان " 
ومعبراً عن حبه وحزنه وسخطه من الأوضاع في آنٍ واحد بعبارة " يدهمني الحزن لأن هذه الصالة الرثة ، في هذا المطار القمئ ، في هذه المدينة المهملة ، في هذا الوطن الحبيب اللعين "
و "أن تنتمي إلى هذا الوطن البعيد المنال ، ذلك أمر عسير . أن تكون سمعت زغاريد النساء في الأعراس ، ورأيت انعكاسات الضوء على وجه النيل وقت الشروق ووقت الغروب ، أن تتذكر مذاق تمر " القنديل " أول الموسم ولبن البقر الغريض ، ورغوته معقودة عليه في " الحلابات ، ذلك أمر عسير "  ..
يحمل السودان في قلبه ويسافر .. حيث ترك العمل في الإذاعة السودانية إلى قطر حيث وزارة الإعلام واشتغل هناك فترة حتى إنتقل بعد ذلك إلى منظمة اليونسكو بباريس ..وكان في هيئة الإذاعة البريطانية بلندن قبل أن يعود إلى السودان ويعمل في الإذاعة السودانية ..

في كتابه ينتقل بنا بداية من تعجبه حول اسم السودان والتي كانت تعرف قديما بـ " سنّار " ،، يعود بنا للخلف أحيانا في لمحات سريعة تحكي عن تاريخ السودان ابتداء بالإمام المهدي واستعمار الانجليز ،،
ومن ثم عهد جعفر نميري حيث وصفه بالقول " ألبسوه الطاقية ذات القرنين وأجلسوه على العرش ، زغردت له النساء وغنى له المغنون ، وقد بدا له أن الأمر قد استتب له وأنه مخلد في الأرض "
ومن جاء بعده لم يكن بأحسن حالا منه ويبدو أنها صفة يكتسبها من يجلس على كرسي الرئاسة " كل يجئ بخيله وخيلائه ينادي بالإصلاح ثم يذهب ، فهم يذهبون ثلة ثلة طال الزمن أو قصر وتتلفت حولك فلا تجد إلا الخراب "
 كما تحدث عن الصادق المهدي و حكومة الإنقاذ ..
 وبين كل هذا لم ينسى أولئك الذين وضعو بصمة في حياته بشكل خاص والسودانيين بشكل عام من أمثال الشاعر والصديق : صلاح أحمد إبراهيم وهو القائل " بالله يا نجوم كيف حال إخوتي ؟ وكيف حال رفقتي ، وكيف حال شعبي العظيم ؟ شعبي الذي أحببته حب الذي عشقا . كيف تراه الآن هل تراه بات جفنه مؤرقا ؟ وهل تراه بات حبل شمله ممزقا ؟ وهل تراه بات في السجن القوا ومرهقا ؟ وهل تراه واجه النيران مثل يوم ( كرري ) فاحترقا ؟ " ... ويقول الطيب في رثاءه " ما أوسع الحزن وما أضيق الكلمات " ..
وتتضمن الكتاب أيضا بعض المواقف التي واجهته في أثناء إقامته في قطر أو سفراته المتعددة من رفقاءه السودانيين ومواقف أخرى من الأجانب ونظرتهم تجاه السودان .
وختم الكتاب بذكر الأحوال المضطربة في السودان عن الصراع الناتج بين الشمال والجنوب .. ولو أنه رأى ما آل إليه الحال الآن والخريطة لصعق !!



أبهرني الطيب بلغته البسيطة باستشهاداته من الشعر العربي والأمثال الشعبية وكما لم يخلو من معرفته بالأدب الانجليزي وأمثالهم ..
أبهرني كذلك بحديثه عن كل هذا القدر من التاريخ في هذه الصفحات بتلك البساطة متنقلا بين المشاهد التاريخية قديمها وحديثها بسلاسة مدهشة .. وحتما سأقرأ له المزيد .
أحزنني أنني أجهل الكثير عن وطني السودان .. وأستشهد بقوله "  أهـ ، أي وطن رائع يمكن أن يكون هذا الوطن ،، لو صدق العزم وطابت النفوس وقل الكلام وزاد العمل  " 

بعض الاقتباسات : 

~  زاد الكلام عن الإسلام ، كثرت المساجد وضعف الإيمان / زادت المدارس وعم الجهل !
~ أيهما أفضل المستعمر الغاضب العادل ؟ أم الحاكم - الوطني - ابن البلد وهو ظلوم غشوم !
~ الاستعمار مثل مسرحيات شكسبير حيث يختلط الخير والشر بصورة متميزة !
~ كل هذه الأشياء الصغيرة أم الكبيرة التي تكبل الإنسان بقيود يشتد وثاقها يوم بعد يوم وتجعله يصمت حين يجب عليه أن يصرخ !
~ وكان الشعب مثل جمهور صامت ،، ينظر ويتعجب !
~ الأوطان لا يبينها رجل واحد ولا حفنة رجال مهما بلغ بهم الإلهام والعبقرية ولكن يبنيها مئات الآلاف من الرجال والنساء ناس أحرار في وطن حر !
~ هل أسعار الدولار ما تزال في صعود وأقدار الناس في هبوط ؟ أما زالو يحلمون أن يقيمو على جثة السودان المسكين خلافة إسلامية!
~ يكون من سخرية الأمور أن حكما جاء يدعو إلى إصلاح الضمائر والنفوس يمخض أوضاعا اقتصادية قاسية تشجع على خراب النفوس !

وأخيراً

~ الأوطان هي التي تبقى وأن الهدف يجب أن يكون بقاء الوطن وليس بقاء أي حكم أو نظام !

هذيان أخير :  سأقرأ هذا الكتاب " http://www.goodreads.com/review/show/421121285?type=review#rating_12449503 " مرة أخرى فبه بعض المعلومات التي أستطيع البدء منها للبحث أكثر ..

الأحد، 10 فبراير 2013

اغتيال أم كتابة !!

اغتيال ( أول ) !! 

يلفني السواد ..

سوادٌ يقلق روحي ...

سوادٌ تراكمي عبر الأيام .. يقال عنه الكبت..

لم أعد قادرة على الاحتمال ...

ما بين الحلم والحقيقة ...

قررت اغتيال هذا السواد ...

ولم أجد من طريقة سوى سكبه على  الورق ...

ذلك الورق الأبيض ... في لحظاتٍ اغتيل وتحول هو أيضاً إلى سواد ...

ولكن ...

الكلمات مبهمة ...لم ولن يفهمها أحد ..

حتى نفسي عندما تعود إليها ..

لن ترى غير السواد ..

هل ما فعلته كلماتي المبهمة هو اغتيال للسواد أم اغتيال للكتابة ...
________

اغتيال ( ثانٍ ) !! 

يلفني السواد ...

أنسحب بعيدا ...

وأكرر الفعل نفسه ... مرارا وتكراراً 

فعل الكتابة طبعاً ...

ولكن في هذه المرة لن أقرأ ما كتبت ..

هناك فكرة تخيفني .. وهي أن أمتص هذا السواد بعملية عكسية ليعود ويلفني مرة أخرى ...

_______ 

اغتيال / هذيان ( آخير ) : العنوان مقارب لعنوان آخر رأيته في حلم كنت أمارس فيه فعل الكتابة وربما الاغتيال لا أدري  !! ...